كان مدرس التربية الرياضية يعتقد أن الرعب من مستلزمات السيطرة علينا كأطفال في الصف الخامس الابتدائي و كنا نختبيء في بعضنا عندما يمر ليتفقد الصف في حصته التي رفض أن نلمس الكرة فيها إلا بعد أن نحضر '' الزي الرياضي '' و إذا أتت الحصة القادمة و لم نكن أحضرناه فسوف يفعل فينا ...و قال ''شيئا سيئا جدا '' ... كنت أكرهه و أتجنبه لأنني تيقنت رغم حداثة سني أنه يعاني عقدة ما !!
و مر الأسبوع و نسيت أمر الزي الرياضي .. و عندما وقفت أمام مكتبي لأحضر الجدول صعقت عندما رأيت الحصة الثالثة ... فقد كانت '' ألعاب '' شعرت بفزع الدنيا و هرولت إلي حجرة أبي الذي كان يرتدي ملابسه ليذهب لعمله .
- بابا !!
- نعم .. اشجيني !!
- مدرس الألعاب عاوز لبس رياضي و قال لنا بس أنا نسيت و الحصة النهاردة و اللي مش حيجيب حيبهدله !!
- ههههههههه حاضر ياسي هاني ... هي الألعاب الحصة الكام ؟!
- التالتة
- طيب يا سيدي ... حاضر
ثم ذهب إلي عمله و توجهت إلي مدرستي ..
انتهت الحصة الثانية و تعالت دقات قلبي مع سماع الجرس ... نزلنا إلي الفناء و بدأ صوت النحيب يعلو بيننا ليستعطف ذلك القلب الحجري و لكن هيهات .. فقد كان يجلس في الظل ممسكا بخيرزانة ميتة القلب ، و يستمتع بالبكاء الجماعي لكل هؤلاء الأطفال !!
في تلك اللحظة شعرت بطيف أبي خلف البوابة الحديدية ممسكا بشنطة ورقية صفراء ... رفعت يدي و بمكر طفولي قلت للمدرس :
- بابا جاي عاوز يسلم علي حضرتك ... و أشرت تجاه البوابة ...
قام المدرس و فتح البوابة لتبتلعه ضحكة أبي الذي كان يحمل شنطة الزي وبعض زهور عصفور الجنة ملفوفة باهتمام .
- هاني ابني بيشّكر في حضرتك أوي .. و من فرحته إن حصة الألعاب النهاردة ... نسي ياخد اللبس !!
ابتسم المدرس و كانت أول و آخر مرة أراه فيها يبتسم و أبي يناوله الزهور ... و يناولني الشنطة !!
عندما عاد أبي من العمل في ذلك اليوم كنت أنتظره علي الباب الخارجي لمنزلنا لأعانقه و أشكره ... ضحك بصوته الحبيب و هو يقول لي : كنت حآخد النهاردة أجازة ''عارضة ''عشان ألحقك في الحصة التالتة ... بس قلت خليني علي ذمة الشغل علشان لو قتلت المدرس المعقد ده ... أطلع منها !!
ثم عانقني وتعالت ضحكاته الطيبة وكأنها سرب حمام يلوح في الأفق ...
اذا بحث كل منا عن موقف يشبه ذلك مع ابيه فليدعو له ان كان من أهل الدنيا ، و ليترحم عليه ان كان من أهل الآخرة .. فوالدينا كانوا جزءا من حياتنا في حين كنّا نَحْن كل حياتهم . لم يروا منا غير القلق و الهم و تعب التربية ، ولما جاء خيرنا تمتع به غيرهم 😢
و مر الأسبوع و نسيت أمر الزي الرياضي .. و عندما وقفت أمام مكتبي لأحضر الجدول صعقت عندما رأيت الحصة الثالثة ... فقد كانت '' ألعاب '' شعرت بفزع الدنيا و هرولت إلي حجرة أبي الذي كان يرتدي ملابسه ليذهب لعمله .
- بابا !!
- نعم .. اشجيني !!
- مدرس الألعاب عاوز لبس رياضي و قال لنا بس أنا نسيت و الحصة النهاردة و اللي مش حيجيب حيبهدله !!
- ههههههههه حاضر ياسي هاني ... هي الألعاب الحصة الكام ؟!
- التالتة
- طيب يا سيدي ... حاضر
ثم ذهب إلي عمله و توجهت إلي مدرستي ..
انتهت الحصة الثانية و تعالت دقات قلبي مع سماع الجرس ... نزلنا إلي الفناء و بدأ صوت النحيب يعلو بيننا ليستعطف ذلك القلب الحجري و لكن هيهات .. فقد كان يجلس في الظل ممسكا بخيرزانة ميتة القلب ، و يستمتع بالبكاء الجماعي لكل هؤلاء الأطفال !!
في تلك اللحظة شعرت بطيف أبي خلف البوابة الحديدية ممسكا بشنطة ورقية صفراء ... رفعت يدي و بمكر طفولي قلت للمدرس :
- بابا جاي عاوز يسلم علي حضرتك ... و أشرت تجاه البوابة ...
قام المدرس و فتح البوابة لتبتلعه ضحكة أبي الذي كان يحمل شنطة الزي وبعض زهور عصفور الجنة ملفوفة باهتمام .
- هاني ابني بيشّكر في حضرتك أوي .. و من فرحته إن حصة الألعاب النهاردة ... نسي ياخد اللبس !!
ابتسم المدرس و كانت أول و آخر مرة أراه فيها يبتسم و أبي يناوله الزهور ... و يناولني الشنطة !!
عندما عاد أبي من العمل في ذلك اليوم كنت أنتظره علي الباب الخارجي لمنزلنا لأعانقه و أشكره ... ضحك بصوته الحبيب و هو يقول لي : كنت حآخد النهاردة أجازة ''عارضة ''عشان ألحقك في الحصة التالتة ... بس قلت خليني علي ذمة الشغل علشان لو قتلت المدرس المعقد ده ... أطلع منها !!
ثم عانقني وتعالت ضحكاته الطيبة وكأنها سرب حمام يلوح في الأفق ...
اذا بحث كل منا عن موقف يشبه ذلك مع ابيه فليدعو له ان كان من أهل الدنيا ، و ليترحم عليه ان كان من أهل الآخرة .. فوالدينا كانوا جزءا من حياتنا في حين كنّا نَحْن كل حياتهم . لم يروا منا غير القلق و الهم و تعب التربية ، ولما جاء خيرنا تمتع به غيرهم 😢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق